أما في علم التفسير فابن عباس (رضي الله عنهما) كان شخصية أسطورية حسب عنوان بحث نشره كلود جيليو(١) ((Le portrait mythique)) d'Ibn ﷺbbas ويبدو أن الرجل قد تأثر بما سبق أن افتراه سبرنجر (Sprenger) في أواسط القرن التاسع عشر من أن ابن عباس (رضي الله عنهما) كان كاذباً، وأن معظم الروايات التي تتصل به متناقضة ومكذوبة، وأنه أخذ الشيء الكثير عن مَسلَمة اليهود دون روية، ولم يجد جيليو ما يعزز به كلامه سوى الرجوع إلى ما أثر عن بعض الصحابة والتابعين من أقوال تدل على تورعهم وامتناعهم من الخوض في التفسير، وكأن المستشرق الفرنسي أمام هذا العزوف عن القول في التفسير الذي أبداه بعض رجال السلف ممن خشوا القول بالرأي في التفسير استرعاه القدر الهائل من المرويات _ وقد وصفها بالعدد الذي لا يحصى Nombre incalculable _ التي تستند إلى حبر الأمة الذي دعا له الرسول ﷺ بقوله: ((اللهم فَقِّهه في الدين وعلمه التأويل))(٢)، ولم يكن في وسع الرجل ولا في مقدوره أن يعيَ جيداً بركة هذا الدعاء النبوي، كما أنه تجاهل معايير وموازين النقد الحديثي للمرويات التي كانت تفرض على العلماء والنقاد قبول ما كان صحيحاً واستبعاد ما كان ضعيفاً أو مختلقاً.

(١) in ﷺRABICﷺ N° ٣٢° ١٩٨٥ p ٦٢-٦٧.
(٢) رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، وأحمد في مسنده ١/١٦٦.


الصفحة التالية
Icon