لقد حاول الرجل أن يبرهن أيضاً على دعوى أن كثرة الأحاديث والروايات المنسوبة إلى ابن عباس كان الهدف منها إعطاء سند مرجعي موثوق لتلك الأحاديث التي كانت تخدم أغراض المذاهب السياسية والفقهية وغيرها. ويمكن القول بأن افتراءات المستشرق الفرنسي في حق ابن عباس (رضي الله عنهما) كأكبر رموز علم التفسير هي نفس الافتراءات التي أبداها جولدزيهر(١) وشاخت(٢) فيما قبل في حق أبي هريرة (رضي الله عنه) كأكبر رواة علم الحديث، فإذا كان هذان المستشرقان قد تظافرت جهودهما من أجل العمل على تدمير الثقة في راوية الإسلام فإن ذلكم المستشرق الفرنسي قد ولَّى وجهته نحو ميدان علم التفسير ووضع نصب عينيه مهمة توهين الثقة في ترجمان القرآن ابن عباس (رضي الله عنهما) وتحطيم الاعتقاد السائد لدى المسلمين بريادة ابن عباس وغيره من كبار الصحابة والتابعين في وضع أسس علم التفسير، ويبدو أن وصفه له بالأسطورة قد أخذه عن جولدزيهر في كتابه ((مذاهب التفسير الإسلامي))(٣) ولاشك أن الرد على هذا المستشرق فيما افتراه على ابن عباس في مجال علم التفسير وما ادَّعاه مما لا أساس له من الصحة يحتاج إلى وقفات طويلة للرد على ما ضمنه أطروحته للدكتوراه حول تفسير ابن جرير الطبري (٤) وبحثين له حول ابن عباس والبدايات الأولى لظهور علم التفسير (٥). ويمكن القول بهذا الصدد أنه يصعب على مستشرق يند عنه الفهم الروحاني أن يستوعب معنى بركة دعاء النبي ﷺ لابن عباس رضي الله عنهما،
(٢) J.Schacht: Introduction au تعالىroit Musulman.Paris ١٩٨٣ p ١٤٧.
(٣) مذاهب التفسير الإسلامي ص ٩٠.
(٤) C.Gilliot: ﷺ xégèse; langue et théologie en Islam. Léxégèse coranique de Tabari،Paris ١٩٩٠.
(٥) C. Gilliot: Les débuts de L'exégèse coranique in R.E.M.M.M N ١٩٩٠/٥٨°.