وفي سبيل ذلك يستند المستشرقون إلى بعض الأحاديث الضعيفة من أجل استنتاج كون القرآن قد سقطت منه بعض الآيات أثناء كتابة وجمع القرآن، كما في الرواية السابقة، وقد يسعون إلى إحداث نوع من البلبلة والتشويش من خلال استعراض مختلف الروايات الضعيفة في الموضوع الواحد كما هو الشأن في أول من جمع القرآن، حيث يمكن الرجوع إلى كتابي المصاحف لابن أبي داود(١) والإتقان للسيوطي(٢)؛ لكي تتوافر لدينا روايات ضعيفة ومنقطعة مفادها أن أول من جمع القرآن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي رواية: سالم مولى أبي حذيفة، وفي رواية: عمر بن الخطاب رضي الله عنه. واعتماد المستشرقين على مثل هذه الروايات من الضعيف والموضوع في نسج الأحكام وبنائها يدل على سوء النية وقصد تحطيم المسلَّمات والبدهيات التي يؤمن بها المسلمون، وهذا أمر يشين مناهجهم البحثية ويعيبها على عدة مستويات.
ولا شك أن كثرة اعتماد ورجوع بعض المستشرقين أمثال نولدكه وبلاشير وولش إلى الكتب التي تَعُج بالروايات الضعيفة والمنقطعة والمتناقضة(٣)، تبين لنا طبيعة المنهج المسلوك لدى المستشرقين الذي يتجلى في تصيّد ما يخدم آراءهم؛ من أجل نفي ما هو صحيح ومجمَع عليه.
نتائج وتوصيات
(٢) الإتقان ١/١٢٧-١٢٨.
(٣) يأتي على رأس هذه الكتب في مجال علوم القرآن كتاب المصاحف لابن أبي داود والإتقان للسيوطي، وهما في أشد الحاجة إلى تحقيق علمي رصين. هذا فضلا عن بعض كتب الأدب القديمة التي تضمنت الحديث عن بعض القضايا المرتبطة بتاريخ القرآن بشكل عرضي(الباحث).
حَقَّق كتاب ((المصاحف)) الدكتور محب الدين واعظ ونشرته وزارة الأوقاف القطرية عام ١٤١٥ه، وحقق كتاب الإتقان مركز الدراسات القرآنية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وطبع عام ١٤٢٧ه، (اللجنة العلمية).