فهذا مونتغمري وات Watt يقول في مقدمة كتابه ((محمد في مكة)) وهو يوضح منهجه وطريقته في التعامل مع القرآن الكريم: ((فيما يتعلق بالمسائل الكلامية التي أثيرت بين المسيحية والإسلام، فقد جهدت في اتخاذ موقف محايد منها، وهكذا وبصدد معرفة ما إذا كان القرآن كلام الله أو ليس كلامه امتنعت عن استعمال تعبير مثل (قال تعالى) أو (قال محمد) في كل مرة أستشهد فيها بالقرآن، بل أقول بكل بساطة: (يقول القرآن). وأقول لقرائي المسلمين شيئا مماثلا، فقد ألزمت نفسي، برغم إخلاصي لمعطيات العلم التاريخي المكرس في الغرب ألا أقول أي شيء يمكن أن يتعارض مع معتقدات الإسلام الأساسية))(١).
فالرجل إذن تجاوز طريقة المستشرقين القدامى الذين كانوا ينسبون حديث القرآن ومعطياته إلى محمد ﷺ بقولهم ( قال محمد أو ذكر محمد...)، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يقول: (قال الله تعالى)؛ لأنه لا يؤمن بأن القرآن كلام الله. يقول المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون M.Rodinson (ت٢٠٠٤م): ((لو سايرت المسلمين في إيمانهم، ولو أخفيت عنهم حقيقة رأيي حول القرآن لكان ذلك أدعى لي إلى ربط علاقة وطيدة بيني وبين المسلمين وبين الحكومات الإسلامية، ولكنني لا أريد أن أخدع أحداً، وبإمكان المسلمين الامتناع عن قراءة كتابي ( يقصد كتابه عن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم)، والاطلاع على تفكير غير المسلم حول هذه القضية ولهم الحق في ذلك..... ، فأنا لا أعتقد طبعاً أن القرآن هو كتاب الله، إذ لو كان الأمر كذلك لأصبحت مسلما.....))(٢).
(٢) M. Rodinson: Mohamet. Paris ١٩٦١ p ٢٥٦.