وللإيمان باللوح وبالكتابة فيه أثر صالح في استقامة المؤمن على الجادة وتفانيه في طاعة الله ومراضيه وبعده عن مساخطه ومعاصيه لاعتقاده أنها مسطورة عند الله في لوحه. مسجلة لديه في
كتابه. كما قال جل ذكره: ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ ا. هـ من سورة القمر.
ب - التنزل الثاني للقرآن كان هذا التنزل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا والدليل عليه قوله سبحانه في سورة الدخان: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾. وفي سورة القدر ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾. وفي سورة البقرة ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾.
دلت هذه الآيات الثلاث على أن القرآن أنزل في ليلة واحدة توصف بأنها مباركة أخذا من آية الدخان وتسمى ليلة القدر أخذا من آية سورة القدر وهي من ليالي شهر رمضان أخذا من آية البقرة. وإنما قلنا ذلك جمعا بين هذه النصوص في العمل بها ودفعا للتعارض فيما بينها. ومعلوم بالأدلة القاطعة كما يأتي أن القرآن أنزل على النبي ﷺ مفرقا لا في ليلة واحدة بل في مدى سنين عددا فتعين أن يكون هذا النزول الذي نوهت به هذه الآيات الثلاث نزولا آخر غير النزول على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد جاءت الأخبار الصحيحة مبينة لمكان هذا النزول وأنه في بيت العزة من السماء الدنيا كما تدل الروايات الآتية:
١- أخرج الحاكم بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم.
٢- وأخرج النسائي والحاكم والبيهقي من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة ثم قرأ: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ
وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾. ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾.
٣- وأخرج الحاكم والبيهقي وغيرهما من طريق منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم وكان الله ينزله على رسوله ﷺ بعضه في إثر بعض.@