شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. وقد صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
ويمكن أن تندرج هذه الحكمة الثانية بما انضوى تحتها في قول الله تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ كما يمكن أن يفسر بها قوله تعالى في سورة الفرقان في بيان أسرار التنجيم ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ باعتبار أن التنوين للتعظيم إشارة إلى المعاني المنطوية تحت هذا الترتيل.
الحكمة الثالثة: مسايرة الحودث والطواىء في تجددها وتفرقها
...
الحكمة الثالثة
مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها فكلما جد منهم جديد نزل من القرآن ما يناسبه وفصل الله لهم من أحكامه ما يوافقه. وتنتظم هذه الحكمة أمورا أربعة:
أولها: إجابة السائلين على أسئلتهم عندما يوجهونها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. سواء أكانت تلك الأسئلة لغرض التثبت من رسالته. كما قال الله تعالى في جواب سؤال أعدائه إياه. ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾ في سورة الإسراء وقوله: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً﴾ الخ الآيات في هذا الموضوع من سورة الكهف. أم كانت لغرض التنور ومعرفة حكم الله كقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾. ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾.
ولا ريب أن تلك الأسئلة كانت ترفع إلى النبي ﷺ في أوقات مختلفة وعلى نوبات متعددة حاكية أنهم سألوا ولا يزالون يسألون. فلا بدع أن ينزل الجواب عليها كذلك في أوقاتها المختلفة ونوباتها المتعددة.
ثانيها : مجاراة الأقضية والوقائع في حينها ببيان حكم الله فيها عند حدوثها ووقوعها. ومعلوم أن تلك الأقضية والوقائع لم تقع جملة بل وقعت تفصيلا وتدريجا فلا مناص إذن من فصل الله فيها بنزول القرآن على طبقها تفصيلا وتدريجا. والأمثلة على هذا كثيرة منها قوله سبحانه في سورة النور: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ إلى قوله سبحانه: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ وهن عشر آيات نزلن في حادث من أروع الحوادث: هو اتهام السيدة الجليلة
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالإفك. وفيها دروس اجتماعية لا تزال تقرأ على الناس كما لا تزال تسجل براءة الحصان الطاهرة من فوق سبع سموات.
ومن الأمثلة قوله تعالى في مفتتح سورة المجادلة: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي@