يؤخذ عليه أدنى تخاذل ولا تفاوت بل يعجز الخلق طرا بما فيه من انسجام ووحدة وترابط: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾.
وإنه ليستبين لك سر هذا الإعجاز إذا ما علمت أن محاولة مثل هذا الاتساق والانسجام لن يمكن أن يأتي على هذا النمط الذي نزل به القرآن ولا على قريب من هذا النمط لا في كلام الرسول ﷺ ولا كلام غيره من البلغاء وغير البلغاء.
خذ مثلا حديث النبي ﷺ وهو ما هو في روعته وبلاغته وطهره وسموه لقد قاله الرسول ﷺ في مناسبات مختلفة لدواع متباينة في أزمان متطاولة فهل في مكنتك ومكنة البشر معك أن ينظموا من هذا السرد الشتيت وحدة كتابا واحدا يصقله الاسترسال والوحدة من غير أن ينقصوا منه أو يتزيدوا عليه أو يتصرفوا فيه؟؟.
ذلك ما لن يكون ولا يمكن أن يكون ومن حاول ذلك فإنما يحاول العبث ويخرج للناس بثوب مرقع وكلام ملفق ينقصه الترابط والانسجام وتعوزه الوحدة والاسترسال وتمجه الأسماع والأفهام.
إذن فالقرآن الكريم ينطق نزوله منجما بأنه كلام الله وحده. وتلك حكمة جليلة الشأن تدل الخلق على الحق في مصدر القرآن: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾.
المعركة الطاحنة أو الوحي بين معتقديه ومنكريه
مدخل
...
٣- المعركة الطاحنة أو الوحي بين معتقديه ومنكريه
كل ما قدمناه إليك في نزول القرآن لا يسلمه ولا يقبله إلا من آمن بالوحي وأساليبه والاتصالات الروحية بالملأ الأعلى واستمداد الإنسان لمعارفه عن الله تعالى بوساطة الملك على غير الطريقة المعتادة بين البشر. ولكن العقلية العصرية أصابها مس من المادية والإلحاد والإباحة فأصبح كثير من المتعلمين تعليما مدرسيا ناقصا لا يهضمون هذه الحقائق العليا ولا يستسيغون فهمها بل يلقون حبالا وعصيا في سبيل المؤمنين بها ولا شبهة لهم فيما ذهبوا إليه إلا شكوك تلقفوها من هنا وهناك يروجونها باسم العقل مرة وباسم العلم مرة أخرى.
لهذا نرى لزاما علينا أن نقف هنا بجانب الوحي وقفة نرفع فيها النقاب عن حقيقته وأنواعه وكيفياته ثم نتبع ذلك بالأدلة العلمية على الوحي وإمكانه ثم نردفها بالأدلة العقلية على تحققه ووقوعه. ثم نختتم هذا المبحث بعلاج الشبهات التي تعترضهم ويعترضون بها في هذا الموقف الجلل. والموضوع الخطير.
تلك نقاط أربع إذا وفقنا في بحثها قطعنا الطريق على عصابات مجرمة اتخذت مبحث@