هي شامية إذا ما استقلت | وسهيل إذا ما استقل يمان |
على أن معاناة ذلك العربي القح إذا عانى التنميق والتزويق لم تكن لتزيد كلامه روعة وحسنا بل كانت تنزل به بمقدار ما يظن أحدنا أنها تصعد فيه. ولهذا كان العرب يعافون من الكلام ما ظهرت فيه آثار الصنعة والتكلف ويعدون ذلك من التفاصح النازل إلى مهواة العي والتنطع كما كانوا مأخوذين بالجيد السلس وبالسهل الممتنع
ولقد كان النبي ﷺ أبعد العرب عن هذا التعمل والتصنع والتحبير حتى لقد نهى عن ذلك وناط به الهلاك والخسران. تدبر ما يرويه مسلم وأبو داود من أن النبي ﷺ قال: "هلك المتنطعون" والتنطع في الكلام: التعمق فيه والتفاصح. وروى الشيخان أنه جاءه رجل من هذيل يخاصم في دية الجنين فقال: يا رسول الله كيف أغرم دية من لا شرب ولا أكل. ولا نطق ولا استهل. فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه الذي سجع. وفي رواية أنه قال: "أسجع كسجع الأعراب". وفي رواية أخرى أنه قال: "أسجع الجاهلية وكهانتها". فأنت ترى أنه ذم هذا السجع المصنوع وجعل صاحبه من إخوان الكهان ومن جهلة الجاهلية. وما ينبغي له أن يذم شيئا ثم يقع فيه. وحاشاه وحاشا بيانه الشريف من هذا الإسفاف والتعمل الخسيس. ودونك السنة النبوية فاقرأ منها ما شئت فلن تجد إلا جيدا @