ومن أمثلة المسائل التي ذكر القرطبي سبب الخلاف فيها ما ذكره في المسألة الثالثة في آية الوضوء في مسألة غسْل ما وراء العِذار إلى الأذن، وهو ما خلف الصُّدغ (١) الذي من وراء شعر اللحية قال: (( وسبب الخلاف هل تقع عليه المواجهة أم لا ؟ والله أعلم، وبسبب هذا الاحتمال اختلفوا هل يتناول الأمر بغسل الوجه باطن الأنف والفم أم لا؟ )) (٢)
ومن الأمثلة كذلك ما ذكره في المسألة السابعة عشرة في آية الوضوء في مسألة ترتيب الأعضاء في الوضوء قال: (( وسبب الخلاف ما قال بعضهم: إن ( الفاء ) توجب التعقيب في قوله: ( فاغْسِلوا ) فإنها لما كانت جواباً للشرط ربطت المشروط به، فاقتضت الترتيب في الجميع )) (٣)
ومن الأمثلة أيضاً ما ذكره في المسألة الثانية والعشرون عند الكلام عن شرط المسح على الخفين وهو عند الجمهور لبسهما على طهارة. قال: (( ورأى أصبغ أن هذه طهارة التيمم، وهذا بناء منه على أن التيمم يرفع الحدث، وشذ داود فقال: المراد بالطهارة هاهنا هي الطهارة من النجس فقط، فإذا كانت رجلاه طاهرتين من النجاسة جاز المسح على الخفين، وسبب الخلاف الاشتراك في اسم الطهارة )) (٤)
ومن الأمثلة مسألة التيمم في الحضر وخلاف العلماء فيه حيث قال – رحمه الله - :(( وسبب الخلاف اختلافهم في مفهوم الآية، فقال مالك ومن تابعه: ذكر الله تعالى المرضى والمسافرين في شرط التيمم خرج على الأغلب فيمن لا يجد الماء، والحاضرون الأغلب عليهم وجوده فلذلك لم ينص عليهم... ثم قال: وأما من منعه في الحضر فقال: إن الله تعالى جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، كالفطر وقصر الصلاة، ولم يبح التيمم إلا بشرطين، وهما المرض والسفر، فلا دخول للحاضر الصحيح في ذلك لخروجه من شرط الله تعالى )) (٥)
٩) ذكر القراءات في الآية.
(٢) ٦/٥٧.
(٣)... ٦/٦٦.
(٤)... ٦/٦٨.
(٥)... انظر: ٥/١٤٢.