- المبحث الثاني: منهج القرطبي في تفسير آيات الأحكام.
سأُركّز في هذا المبحث على منهج القرطبي رحمه الله في تفسيره لآيات الأحكام خاصة، وذلك استقراءً من بعض المواضع من تفسيره، والتي تتعلّق بالأحكام الفقهيّة، وهذه الآيات هي:
١) آيات الصيام ١٨٣ – ١٨٦ من سورة البقرة.
٢) آية الإحصار في الحج ١٩٦ من سورة البقرة.
٣) آيات القتل ٩٢ – ٩٤ من سورة النساء.
٤) آية الوضوء ٦ من سورة المائدة.
٥) آية الغنائم ٤١ من سورة الأنفال.
وقد اتّضح لي من خلال تأمل تفسير الآيات المتقدّمة أن منهجه فيها ما يلي:
١) تقسيم الآية إلى مسائل.
وهذا واضح شهير في تفسيره – رحمه الله – وقد نص عليه في مقدّمة كتابه كما تقدّم، فيُقسّم الآية إلى عدة مسائل بحسب الأحكام التي تتضمنها، كقوله في آية القتل: ((فيه عشرون مسألة)) (١) وقوله في آية الغنائم: ((فيه ست وعشرون مسألة)) (٢).
ومما يلاحظ على هذه المسائل أنها ليست كلّها في ذكر المسائل والأحكام الفقهيّة بل قد تشتمل على بيان بعض الفضائل كقوله في المسألة الثانية من آيات الصيام: ((الثانية: فضل الصوم عظيم، وثوابه جسيم...)) (٣) أو تشتمل على تفسير لا علاقة له بالمسائل الفقهية كقوله في آخر مسألة في آية الوضوء: (( الثانية والثلاثون: قوله تعالى: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيكُمْ مِن حَرَجٍ ) أي من ضيق في الدين...)) (٤) بل ربما أحياناً يذكر في بعض المسائل أموراً تتعلّق بالعقيدة، فيقرر مذهب أهل السنة والجماعة، ويرد على أهل التعطيل والفلاسفة وغيرهم. (٥)
(٢)... ٨/٣.
(٣)... ٢/١٨٣.
(٤)... ٦/٧٢.
(٥)... انظر على سبيل المثال المسألة الرابعة عشرة في آيات الصيام عندما تكلّم عن إرادة الله عند قوله تعالى ( يُريدُ اللهُ بكمُ اليُسْر ) ٢/٢٠٢.
(٦)... انظر: التفسير والمفسّرون د/محمد الذهبي ٢/٣٣٨، القرطبي حياته وآثاره ومنهجه في التفسير د/مفتاح السنوسي ٢٦٧