يقبله جميع الناس على أنه فرض لابد منه، على حين يقوم الشطر الثاني منها على فكرة علاقة الناس بالله وهي مسألة تكاد تكون عامة شاملة، بمعنى أن الله تعالى في فترات من تاريخ العالم قد وهب بعض تجلّيه للخلق على لسان أنبياء ملهمين منهم إبراهيم النبي))(١).
ويقول المستشرق الفرنسي هنري ماسيه: ((في القرآن الكريم يظهر إبراهيم عليه السلام عدة مرات مع عنوان الحنيف، ويبدو أن هذه العبارة السابقة لعصر محمد ﷺ كانت تدل على أن هناك حنفاء لا يؤمنون بالنصرانية ولا اليهودية، ويتطلعون بوضوح إلى دين أكثر تجرداً من العقائد والمذاهب الأخرى، يتطلعون إلى توحيد كامل، ولكن محمداً ﷺ انتهى إلى التوحيد، وإلى دين أساسي وفطري ليست الأديان الأخرى سوى دلالات عليه))(٢). وإذ يرفض أعداء الإسلام عقيدة التوحيد ويَصِمون الإسلام بمخالفته لما في النصرانية واليهودية فمردُّ ذلك كما يقول أحد العرب النصارى الذين أسلموا: ((إن الإسلام دين المنطق والعقل، ولم يجعل وساطة بين الله والإنسان، ولم يترك مقادير الناس رحمة نفر منهم يلوحون لهم بسلطان الكنيسة))(٣). ويؤكد هذا المبدأ ما تكلم به المفكر الفرنسي لويس سيديو الذي قال: ((لا ترى في الإسلام سلسلة مراتب ولا طوائف كهنوتية ولا طبقات ذات امتيازات))(٤). أي: لا شركاء لله في ألوهيته، وله الدين الخالص ومحمد عبد الله ورسوله، وعيسى كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه عليهما الصلاة والسلام. ومغالطة الحقيقة عما ذكرته كتب اليهود والنصارى عن نبي الإسلام

(١) توماس آرنولد، الدعوة إلى الإسلام، ص٦١.
(٢) هنري ماسيه، الإسلام، ترجمة بهيج شعبان، منشورات عويدات، بيروت، ١٩٧٧م، ص٣٩-٤٠.
(٣) إبراهيم خليل أحمد، محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، مكتبة الوعي، القاهرة، ١٩٦٥م، ص١٧٣.
(٤) لويس سيديو، تاريخ العرب العام، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ١٩٤٨م، ص١١٧.


الصفحة التالية
Icon