إن تعاليم الإسلام تُبْطِل الفرية القائلة بأن نصوص القرآن وشريعة الإسلام فيهما ما يدعو لمعاداة اليهود والنصارى. فهذا المستشرق النمساوي الشهير إجناتس جولدتسيهر رغم تعصبه الشديد ضدّ الإسلام يدحض تلك المزاعم فيقول: ((وكما أن مبدأ التسامح في الإسلام كان جارياً في الأعمال الدينية، كذلك من جهة أخرى كان يراعى فقهياً ما يتعلق بالمعاملات المدنية والاقتصادية بالنسبة لأهل الكتاب من مبدأ الرعاية والتساهل، فظلم أهل الذمة ـ وهم أولئك المحتمون بحمى الإسلام من أي مسلم ـ كان يحكم عليه بالمعصية وتعدِّي الشريعة، ففي بعض المرات عامل حاكم إقليم لبنان الشعب بقسوة عندما ثار ضد ظلم أحد عمال الضرائب لبعض أهل الذمة، فحكم عليه بما قاله الرسول محمد: ((من ظلم معاهداً وكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة))(١)، والإسلام مثله مثل أي شريعة أو قانون يجيز الدفاع عن النفس وردَّ العدوان ورفض الباطل والاحتلال والاستعمار والظلم.. إلخ وهذا لا يدخل تحت باب العداوة، إنما يدخل ضمن قواعد الدفاع عن الحقوق والمكتسبات.
٤- المستشرقون والقرآن الكريم.
أفرد كاتب المقال في دائرة المعارف البريطانية جزءاً للحديث عن نظرة المستشرقين إلى القرآن الكريم لتدعيم آرائه الباطلة عن القرآن الكريم ظناً أن جميع المستشرقين يتمتعون بموضوعية البحث العلمي والنظرة العلمية المتجردة فيما يقولون، فلننظر أين الحق والصواب، والحكمة ضالة المؤمن؟
أ- إن نظرة المستشرقين إلى القرآن الكريم هي مرتكز هذا المبحث كما تضمنته دائرة المعارف البريطانية، فقد استند كاتب المقال في عرضه إلى آراء عدد من مشاهير المستشرقين عن القرآن الكريم أمثال بل، وبلاشير، وجولدتسيهر، وبلجون، ومدراش، وآربري، وفلوجل وآخرين من غيرهم.

(١) إجناتس جولدتسيهر، العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة محمد يوسف موسى وآخرين، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ١٩٥٩م، ص٤٦-٤٧.


الصفحة التالية
Icon