إن جملة آراء المستشرقين الواردة في دائرة المعارف البريطانية عن القرآن الكريم أقوال لا تقف عند حد، وهي في حقيقتها باطلة. تقول الصحفية الأمريكية ديبورا بوتر: ((كيف استطاع محمد الرجل الأمي الذي نشأ في بيئة جاهلية أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم والتي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها؟ لابد إذن أن يكون هذا هو كلام الله))(١)، ولم يكن ذاك كلام الله لكان فيه اختلاف كثير فكل حرف وكل كلمة في القرآن بتسلسلها الزمني والتاريخي وأسباب نزولها هي وحي الله إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولئن حوى القرآن بعض المعلومات الواردة في النصرانية واليهودية إنها جميعاً من عند الله؛ ولهذا يقول المستشرق البريطاني هاملتون جب: ((مهما يكن أمر استمداد الإسلام من الأديان التي سبقته فذلك لا يغير هذه الحقيقة أيضاً وهي: أن المواقف الدينية التي عبر عنها القرآن ونقلها إلى الناس تشمل بناءً دينياً جديداً متميزاً))(٢). ويأتي تمييز هذا الدين بمعجزة كتابه المقدس ولغته البديعة، ويقول الكاتب الفرنسي لويس سيديو: ((صلح القرآن ليكون نموذجاً للأسلوب وقواعد النحو فأوجب ذلك نشوء علم اللغة، فظهور علم البيان الذي درس في تركيب الكلام ومقتضى الحال والبديع وأوجه البلاغة وأضحى لصناعة قراءة القرآن وتفسيره أكثر من مائة فرع، فأدى هذا إلى ما لا حصر له من التأليف في كل منها))(٣).
(٢) هاملتون جب، دراسات في حضارة الإسلام، ترجمة إحسان عباس وآخرين، دار العلم للملايين، بيروت ١٩٦٤م، ص٢٥٤-٢٥٥.
(٣) لويس سيديو، تاريخ العرب العام، ص٤٥٨.