إن عداء جملة من المستشرقين للإسلام والمسلمين ظاهرة لا يختلف عليها اثنان، وقد ناهضَ الإسلامَ أعداؤه السابقون منذ أن صدع النبي محمد ﷺ بالدعوة الإسلامية وجاء بالقرآن الكريم وحي الله من السماء إليه صلى الله عليه وسلم، وتنامى هذا العداء عبر العصور خصوصاً لدى أدعياء العلم وموضوعية البحث العلمي، مع أن الجهل بالإسلام وحقيقته يسيطر عليهم، فهم لا يريدون من أحد أن يكون مسلماً مؤمناً ممن كان في صفوفهم من المستشرقين لما لذلك من نتائج سيئة على أفكارهم وأبحاثهم الباطلة التي يدفعها الحق المبين من شهداء الله في أرضه؛ لأنَّ من أسلم من المستشرقين هم ممَّن عَرَفوا الحق وقالوا به وبينوا الكثير من مغالطات الاستشراق وعدم موضوعيته، وفي العبارة الآتية للمستشرق الألماني رودي بارت نلحظ الاضطراب والتناقض فيما يذهب إليه إذ يقول: فنحن معشر المستشرقين، عندما نقوم اليوم بدراسات في العلوم العربية والعلوم الإسلامية لا نقوم بها أبداً لكي نبرهن على ضعة العالم العربي الإسلامي، بل على العكس، نحن نبرهن على تقديرنا الخاص للعالم الذي يمثله الإسلام ومظاهره المختلفة والذي عبر عنه الأدب العربي كتابة. ونحن بطبيعة الحال لا نأخذ كل شيء ترويه المصادر على عواهنه دون أن نُعْمِلَ فيه النظر، بل نقيم وزناً فحسب لما يثبت أمام النقد التاريخي أو يبدو وكأنه يثبت أمامه. ونحن في هذا نطبق على الإسلام وتاريخه، وعلى المؤلفات العربية التي نشتغل بها المعيار النقدي نفسه الذي نطبقه على تاريخ الفكر عندنا وعلى المصادر المدونة لعالمنا نحن. وإذا كانت إمكانات معرفتنا محدودة ـ وهل يمكن أن تكون إلا كذلك ـ فإننا نؤكد بضمير مطمئن أننا في دراساتنا لا نسعى إلى نيات جانبية غير صافية، بل نسعى إلى البحث عن الحقيقة الخالصة. أما الرأي المضاد لذلك والذي نشره عالم الأزهر الأستاذ البهي في كتيبه الذي صدر أخيراً باسم ((المبشرون والمستشرقون