والناس مع الإيمان الذى طولبوا به مكلفون بطاعة الله فيما شرع من حلال وحرام، فليس الإيمان دعوى مصحوبة بفوضى. وقد بينت هذه السورة أن الجاهليين اخترعوا عبادات ما أنزل الله من سلطان وشرعوا يتحاكمون إليها، فتركوا الوحى وتبعوا البدع وجادلوا بالباطل. وقد حذر الله المؤمنين من هذا العبث "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون" وقال "فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين". وقد لاحظت أن المتدينين فى بيئات شتى يتواضعون على أمور معينة يجعلونها مقياس الخير أو الشر، فيضفون إلى الدين ما ليس منه ويتمسكون بما ابتدعوا ويتهاونون بما كلفوا به!! لذلك قال الله لهم: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون * ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون * وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" !! قال أحد حكماء العرب وقد سمع هذه الوصايا " لو لم يكن هذا دينا لكان فى خلق الناس حسنا... ". إن التدين الفاسد يعتمد على مسالك غبية موهما أنها مسالك غيبية. ونحن عندما نتأمل فى الوصايا العشر السابقة نجدها تعتمد على التعقل والتذكر والتقوى، ولا مكان فيها لبدع أو أهواء أو خزعبلات على النحو الذى أخذ على عبادات الجاهليين، من قدامى ومحدثين. وقد كان العرب الأوائل يقولون نحن أصفى معادن وأذكى قرائح من اليهود والنصارى، ولو أنا أوتينا كتابا مثل ما أوتوا لكان لنا شأن!! فها قد


الصفحة التالية
Icon