جاءكم كتاب، وبعث فيكم رسول فماذا صنعتم؟ "أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون" ص _١٠٧
والوعيد فى الآية يتجه إلى العرب البعثيين والقوميين والعلمانيين الضائقين بالوحى، والكارهين للانتماء الإسلامى "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة- تتوفاهم- أو يأتي ربك- أمره ووعيده- أو يأتي بعض آيات ربك- يعنى أمورا غير عادية- تصيبهم بذنوبهم " فلا يفيقون إلا بكارثة تنزل بهم-. وقد جاء فى السنة أنه فى آخر الزمان يقع انقلاب فلكى تطلع به الشمس من مغربها.. وعندئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا. إن الإيمان عند الغرق أو عند الغرغرة أو عند النوازل الداهمة لا جدوى منه. فهل يرجع العرب إلى المنهج الذى شرعه الله لهم وشرفهم به قبل وقوع هذه الأقضية؟. إن العرب هواة تفرق وانقسام، ولو أنهم اختلفوا: هل يجهر بالتأمين وراء الإمام أو يسر به لألف كلا الفريقين حزبا يخاصم الآخر ويستبيحه! إن هذا الاختلاف ستار لشهوات كامنة مفسدة للقلوب "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون" وفى ختام السورة جاءت ثلاثة تلقينات تشير إلى وحدة الدين وإخلاص العبادة. ونقاء التوحيد وعدالة الجزاء. هذه التلقينات تكمل ٤٤ قولا أمر الرسول بترديدها خلال السورة كلها: " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا... " " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين... ". " قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء... " والأقوال المذكورة إذ تتم ما قبلها تشير إلى سيرة إنسان تمحض لله ودعوته والنصح لعباده، وبلغ فى ذلك أوجا لم يبلغه أحد من قبله، ذلكم هو محمد خاتم المرسلين. أما التقرير الأخير فى هذه السورة، فهو


الصفحة التالية
Icon