ومن المستبعد أن يكون ذلك موقف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم لا يدرون أين يذهب بهم؟. وهناك نداء أخير من أهل النار وهم يرسلون صراخ النجدة "ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله.. ". وهيهات فلن يجيرهم من الله أحد!! لقد كفروا بالله، وجحدوا لقاءه ولم يخطر ببالهم هذا اليوم ولا استعدوا له بشيء فمن أين تأتيهم ا لنجدة؟. وهنا نذكر أن معانى القرآن متداخلة متضافرة تلتقى كلها فى سياق واحد يعمل عمله فى النفس، وليست هدايات القرآن فصولا مقسمة على نحو متميز. وهكذا العالم تراه مصدرا لأشتات العلوم وهو كيان واحد يستقى منه علماء الأحياء وعلماء طبقات الأرض وعلماء الفلك وعلماء القوى المحركة.. الخ. من لطائف التعبير أن يذكر بنو آدم فى أول سورة الأعراف والمقصود أبوهم، وأن يذكر آدم نفسه فى آخر السورة ويقصد بنوه! فى أول السورة يقول تعالى " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم... ". وفى آخر السورة يقول الله جل شأنه فى خطايا البشر وشركهم واعوجاج سيرهم "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها... ". ثم يقول: "فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون * أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون". وظاهر أن الذين اقترفوا جريمة الإشراك هم أبناء آدم الذين اضطربت عقولهم فزاغوا..!! والنظم القرآنى أولا وأخيرا يعنى البشرية جمعاء، ويذكر رسالة الإنسان التى كلف بها ولم يحسن أداءها... والإنسان مع الشيطان ليس مغلوبا على أمره، وإنما هو مخدوع كبير أو مستغفل غرير! إن الشيطان يملك جهاز إذاعة طويلة الأمواج أو قصيرتها، والإنسان يستطيع أن يسمع وألا يسمع. ص _١ ص


الصفحة التالية
Icon