لقد نجح الشيطان فى إخراج آدم من الجنة فهل ينجح فى حرمان بنيه منها؟ وتعريتهم كما عراه! إنه عدو حاقد، ويستطيع أن يراكم وأنتم لا ترونه، فهو عليكم أقدر! لكنه لا يقدر على غواية مؤمن لأن الإيمان حرز حريز، وشباكه لا يقع فيها إلا فاقد الإيمان.. ومن الأعذار المرفوضة تقليد الآباء الجهلة واختلاق أسباب كاذبة للسلوك المعوج. كان الذين يطوفون بالكعبة عرايا يقولون لا نطوف فى ملابس عصينا الله فيها!! وأغلب المتدينين المنحرفين يضمون تحت خيمة الغيبيات أمورا ما أنزل الله بها من سلطان، تخالف العقل والنقل، ثم يزعمون أن الله أمرهم بها. والله أعلى وأجل من أن يأمر بفاحشة مضادة للذوق والفكر والفطرة " أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل أمر ربي بالقسط". إن العدالة طريق مأنوس للبشر كلهم فما الحرج فى سلوكه؟. ولماذا لا نسلم كياننا كله لمن خلقنا، وإليه نعود؟ "وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون". فكن مع أهدى الفريقين وأولاهما بالنجاة والكرامة. يعتمد التدين المزور على الرهبانية والتقشف فى ربط الناس بربهم ولذلك يهتم برداءة الهيئة ورثاثة الملبس وخشونة الطعام ومخاصمة الطيبات. وتعاليم الإسلام تسير عكس هذا الاتجاه، وتحقق العبودية لله داخل النفس الإنسانية قبل كل شئ. فتهتم بسلامة الصدر وكبح الأثرة وإكنان التواضع والمرحمة. ولأن يقف الإنسان مصليا فى لباس حسن خير من أن يقف مصليا فى لباس زرى. ومن هنا جاءت الآية " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين". وفى الحديث " كل ما شئت والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة" والواقع أن الرذيلة تكمن فى الإسراف الذى يحمل على التوسع الممجوج فى الطعام والكسوة، وعلى التماس الوجاهة بهذا السلوك.. ص _١١٦


الصفحة التالية
Icon