بناء الجماعة الإسلامية على دعائمها العتيدة، أرست الأصول التى تقوم عليها العلاقات بين أتباع الأديان المختلفة، فى الوقت الذى تنادى فيه بوحدة الدين عودة إلى تعاليم جميع المرسلين. ****** ص _٠١٧
استقبل اليهود الإسلام أول ما ظهر بإنكار ومقت، فقد كانوا يحسبون أن الدين حكر عليهم، وأنه لن يتجاوزهم إلى جنس آخر، فلما تمت الهجرة، واقترب الإسلام من مستوطناتهم، قرروا الاحتيال فى حربه والمكر بأتباعه. وعرض عليهم النبى ﷺ صحيفة تنظم العلاقات بين المسلمين وغيرهم، على أسس من المهادنة والتناصر، فقبلوا الصحيفة على مضض، ومضوا فى طريقهم يسخرون من الدين الجديد، ويؤلبون عليه، ويطعنون فيه... وتنزل الوحى فى صفحات متصلة يوبخ اليهود على مواقفهم ويقرعهم على ما بدر منهم فى ماضيهم الطويل، ولم يجد ذلك فتيلا فى كسر غرورهم، وإلانة قلوبهم!! فرأيهم فى أنفسهم أنهم وحدهم أهل الوحى، وأنه لا يجوز لله أن يختار نبيا بعيدا عنهم. وقد شكك القرآن الكريم فى دعاواهم كلها، إذا كنتم مؤمنين بما لديكم فلم تنكرون ما يصدقه؟ " وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين" ؟ ومضى القرآن يثبت عليهم أنهم كاذبون فى دعوى الإيمان، وإلا ما قتلوا الأنبياء، ونقضوا المواثيق، واقترفوا المعاصى، أهذا إيمان؟ " بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين". وأحصت عليهم سورة البقرة بضعة عشر تذكيرا بما كان منهم لعلهم يرعوون! وهيهات. لكن هذا التذكير إذا لم يثن اليهود عن عوجهم، فهو تعليم للأمة الإسلامية أن تستقيم وتستفيد، وأن تتجنب مسالك المغضوب عليهم، لقد قال لليهود من قبل: " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم.. " وهاهو ذا يقول للمسلمين: " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون * يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة.. ". وإذا كان


الصفحة التالية
Icon