تضمنت حكما مناقضا لما جاء هنا، وهذا خطأ مؤسف، فالأمر بالقتال فى سورة براءة لم يكن لقوم منصفين أو محايدين أو معتدلين، بل كان لقوم فى أفئدتهم لدد، بسطوا أيديهم إلينا بالأذى، ومن ثم يقول القرآن فى وصفهم: "إنهم ساء ما كانوا يعملون * لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ". ثم يحرص على مواجهتهم بالقتال العادل الحق " ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين"!!. فكيف يفهم أحد أن القتال هنا لقوم غير معتدين؟ وأن الحكم هنا نسخ الحكم الوارد فى سورة البقرة بأنه لا قتال إلا للمعتدين، إن هذا فهم سوء، وقول منكر بنسخ أحكام خالدة، وفتح لباب التهم المؤذية، ونحن الملومون!. ونشير هنا إلى أن القرآن الكريم يصف القتال الصحيح المقبول بأنه فى سبيل الله، ليس فى سبيل مجد شخصى ولا منفعة خاصة، ولا قومية باغية تزعم مثلا أن ألمانيا أو إنجلترا فوق الجميع.. والقتال الذى ساد العالم فى الأعصار الأخيرة كان لنهب ثروات المستضعفين، واستعمار أرضهم لحساب السلاح الأقوى والطرف الأعتى، إنه ليس قتالا فى سبيل الله أبدا، إنه قتال فى سبيل الشيطان.. إن القتال فى سبيل الله يكون لاستبقاء عبادة الله، ورفض عبادة الشيطان، ومن الأزل كان الصالحون يتحملون أعباء هذا القتال حتى تبقى بيوت الله عامرة بعباده "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها.. ؟ من أجل ذلك قال فى تسويغ هذه الحروب " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" نعم فبقاء الحق مرهون بشجاعة رجاله وتفانيهم فى إعلاء رايته واستبقاء كلمته. ص _٠٢٠