القرآن الكريم، آية الكرسى " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض... إلخ ". وقد يحتاج الإيمان إلى جدال الطواغيت وكبتهم. لا بأس " ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك... " ؟ إن إبراهيم الذى آتاه الله رشده أخرس الفرعون الصغير، فبهت الذى كفر.. ص _٠٢٤
وهكذا ترى فى سورة البقرة وهى أول ما نزل بالمدينة المنورة لونا آخر من العرض القرآنى لأهم قضايا العقيدة، والهدف واحد فى العهدين وإن تلونت الأساليب "ذلك الكتاب لا ريب فيه" إن كانت هناك كتب اكتنفها الريب وساءت فيها الظنون...! ونجح أصحاب محمد فى الاستجابة لما نزل إليهم فى هذه السورة وفيما تبعها، كان القرآن ينزل وهم يعملون، ويأمر وهم يطيعون. ويخطط للفرد والمجتمع والدولة وهم ينفذون. فأمست المدينة برجالها الجدد ونظامها الجديد عاصمة فذة لأخطر الرسالات. وقاعدة لحركات الأمة الوسط التى هى خير أمة أخرجت للناس. الله يعلِّم رسوله بالوحى، والمسلمون يتعلمون من رسولهم ما ينفعهم وينفع الناس " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ". وقد بين الله سبحانه وتعالى فى الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة أن النبى ومن معه صدقوا الله فصدقهم الله، وأن ما نزل إليهم من أحكام فى هذه السورة- وما تلاها- قد صدعوا به وأحسنوا القيام عليه وبذلوا جهدهم فى أدائه على خير وجه. وكانوا أشرف منزلة من أقوام سبقوهم جاءهم الوحى فقالوا سمعنا وعصينا.. لقد كان العرب أميين ولم يكن لهم فى موازين الحضارة العالمية ثقل معروف، حتى نزل بينهم القرآن، فأخذ يزكى سيرتهم، ويرفع مستواهم، ومازالوا يصعدون فى مدارج الترقى حتى سبقوا غيرهم من الأمم، وصاروا فى صلاح المجتمع وزكاة النفوس وإقامة العدالة أقدر من غيرهم وأشرف.. والحضارة التى أقاموها لا تقوم على نعرة جنسية، أو نزعة مادية، أو غايات أرضية، بل على