ولذلك كان النبى الخاتم نعم المؤدب لهم عندما اشتبكوا معه مغرورين، فارتدوا على أعقابهم مدحورين، وانكسرت قواهم؟ وطاحت أموالهم.. لقد، استأثر اليهود بالوحى الإلهى أجيالا متعاقبة، فظل فى جنسهم أحقابا حتى زعموا أنهم أصحابه؛ وأنه يستحيل أن يتجاوزهم إلى غيرهم!. ولم هذه الاستحالة؟ كل امرئ يفقد أهليته لمنصب ما؟ يجب إبعاده عنه!! وقد صار اليهود آخر تاريخهم عاجزين تمام العجز عن الارتفاع إلى مستوى الوحى، فقلوبهم حجارة وأخلاقهم نذالة، وأثرتهم طافحة، وتخصصهم الأول والأخير التشبع من الدنيا والعكوف على مطالبها، والجراءة على الله، وكراهية أمره ورفض حكمه. فما بد من صرف الوحى إلى جنس آخر، قد يكون خيرا منهم حالا ومآلا، وهذا سر قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ". وهذه الآية سبقتها آيات كانت مقدمات لهذه النتيجة أو "حيثيات " لهذا الحكم، منها قوله تعالى- قبل هذه الآية مباشرة: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون * ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات". إنهم أمنوا العقاب الرادع فرفعوا راية العصيان السافر! وقرروا إهدار الشريعة وأحكامها... وكان الرد الإلهى تقرير العدالة العامة بين صنوف البشر، وأن مزاعم الأجناس لا وزن لها " فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " والتعبير بكل نفس، يفيد أن الإضافات المفتعلة للأفراد لا قيمة لها، فالنفس الإنسانية المجردة تلقى جزاء ما قدمت، وسوف يحشر الناس عراة كما خلقوا، لا تكسوهم إلا ألبسة التقوى وحدها إن كانوا أهل تقوى! والكلام وإن كان تقريعا لليهود ففيه إيماءة خفية إلى غيرهم من الأمم، فإن الله لن يعاقب أبناء إسرائيل إذا فسدوا ويترك أبناء إسماعيل إذا قلدوهم فى