_٠٣١
وأن الله عاقبهم على معاصيهم التاريخية المتوارثة، ولكنهم بدلا من أن يصطلحوا مع الله، مضوا فى طريق المشاكسة والتحدى ينكرون النبوة الخاتمة ويحادونها بالكلام والسلاح، ويحيكون المؤامرات بين عبدة الأوثان حتى يصرفوهم عن الإيمان الصحيح. ولذلك تكرر فى أكثر من موضع لوْم اليهود على هذا الموقف الرديء " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات.."؟. ثم يجرى الله على لسان رسوله هذا التساؤل :" قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون * قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون "؟. ويتفتق الفكر اليهودى عن حيلة خبيثة ليردوا الناس عن الإسلام ويصدوا عن سبيل الله، يقولون: إن الناس قد يتهموننا بالتعصب لما لدينا، ويظنوننا كرهنا الإسلام لذلك، فلنتظاهر باعتناق الإسلام، ولنوهم الناس أننا أحرار الفكر ولذلك تركنا ديننا إلى غيره! فلما وجدنا هذا الغير لا يصلح تركناه لعلة فيه لا لعلة فينا!! " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ". وأظهروا إصرارهم على كره الوحى الجديد، وانتقال الرسالة بعيدا عن العبريين، فقالوا: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم.. " فلا يجوز أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، ولا أن يشابهكم فى تلقى الوحى. وظاهر أن القوم كارهون لما صنع الله، وضائقون بمشيئته فى إيثار العرب، واختصاصهم بالوحى الجديد، وهم يحاولون إرغامه- سبحانه وتعالى- على تغيير أقداره، والعودة إليهم هم! وكان الجواب الحاسم " إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم * يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم". لقد التقت فى بنى إسرائيل رذائل الصلف والقسوة والغرور، وهى رذائل قد يخفيها الضعف فتكون حقدا دفينا، وقد يبديها الثراء والغلب فتكون عدوانا مبينا، وقد


الصفحة التالية
Icon