المسيح "ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم " ص _٠٣٣
فلما نزل القرآن الكريم عاد بالتشريع إلى أصله، فلم تحرم إلا أنواع الميتة، ولحوم الخنازير، والدماء المسفوحة، وما أهل لغير الله به، أما ما وراء ذلك فحلال. وفى هذا يقول تعالى :" كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة.. " الخ. وكذلك الكلام فى شأن القبلة، فإن البيت الحرام فى مكة المكرمة هو القبلة الأولى والأخيرة للناس كافة " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ". وإذا كان بيت المقدس لظروف عارضة قد صار قبلة، فقد زالت العوارض ورجعت المياه إلى مجاريها، واستؤنف التكريم للبيت الذى أسس حصنا للتوحيد، وكان موضع التقدير من جملة الأنبياء السابقين... وندع الفروق بين شتى الشرائع لنقرر أن التربية الصحيحة على مهاد من العقيدة المكينة هى أساس الارتقاء البشرى على اختلاف العصور، وقد ذكرت سورة آل عمران ذلك فى أولها، قال تعالى :" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب". إن هذه الغرائز لابد منها لقيام الحياة، فلو لم تكن الغريزة الجنسية مثلا ما اتصلت قوافل الأحياء على ظهر الأرض، وكذلك سائر الغرائز الأخرى، والمهم ألا تتجاوز طور الاعتدال، وألا تضل سواء السبيل. والإسلام أباح ما يفيد وحرم ما يضر، وبنى قواعد الحلال والحرام على الإيمان والعمل الصالح، وشرع من عناصر التقوى ما يستبقى العلاقة قوية بالله واليوم الآخر! وقد استمعت إلى خطاب زعيم كبير يحذر من مرض " الإيدز " فرأيته يوصى باستعمال وقاء معين عند المباشرة الحرام، إنه يائس من العفة فلا يوصى بها لاستحالتها فى منطقه، وهى مستحيلة مع فقدان اليقين بالحى القيوم. وسوف يبقى أتباع الأديان الشكلية يلقون العنت من