غرائزهم التى فقدوا السيطرة عليها، حتى يفهموا قول الله تعالى: ص _٠٣٤
" قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد * الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ". لقد تصدرت هذه الآية فى أوائل السورة، لتقول لأهل الكتاب: إن النجاة عقيدة أساسها " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " ثم تربية تقر الطبائع البشرية فى حدود الطهر، وتكره الإفراط والتفريط.. وتجعل البصر بالحياة الدنيا بصيرة تهدى للحياة الآخرة، وتمضى على الصراط المستقيم. ******** لم يتصل بمريم أحد من البشر عندما وضعت وليدها عيسى، ولما كان بعض الناس يقولون: إن عيسى ابن الله فإن هذه القالة تدفع إلى وهم لا أصل له، هو أن بين الله- سبحانه وتعالى- وبين مريم صلة خاصة، كان عيسى ثمرتها، وهذه جهالة غليظة بمكانة الألوهية، وما ينبغى لها من تقديس.. ويستحيل أن يكون الله والدا وفق هذا التصور الهابط، ولذلك قال :" لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ". نعم كان ميلاد عيسى خارقا للعادة! شاء الله- وقد جعله كذلك- أن يجعله لونا من الخوارق الكثيرة التى يوقعها بين العباد ليعلمهم أنه يحكم قانون السببية، ولا يحكمه قانون السببية، ولذلك حكى قصة مريم وابنها، بعد قصة زكريا وزوجته، فهى- أيضا- لون من خوارق العادات، ولا دلالة لوقائعها على شئ فوق ذلك! كانت مريم مولودا غير متوقع لأمها التى نذرت ما فى بطنها خادما للمسجد الأقصى، يحرس شعائره، ويقيم فى ساحته عبادة الله، ويقود جموع المؤمنين " رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " لكنها فوجئت بأن الوليد المرجو جاء أنثى! وما تصنع أنثى فى تحقيق آمال أمها، وأداء وظيفة لا يختار