رسالته فتوفاه الله، وأراحه من مكر اليهود، ورفع درجته فى عليين! ومع أن كثيرا من الناس يرون أن عيسى قد رفع حيا إلا أنى أميل إلى رأى الفقهاء الظاهريين فى أنه مات كغيره من الناس الذين تدركهم منيتهم، وإن كان موته الطبيعى لا يمنع أن يعود مرة ص _٠٣٧
أخرى إلى دنيا الناس - كما يقول ابن حزم - لينضم إلى المسلمين فى تقرير وحدانية الله، ويدعم صفوفهم وهم يقاتلون أعداء الله. مثله فى ذلك مثل صاحب القرية الذى قال: "أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه". أو مثل أصحاب الكهف الذين رقدوا قرونا ثم عادوا إلى الحياة!! والخطب سهل، والخلاف قريب، المهم الاعتقاد بأن عيسى عبد الله ورسوله، وليس إلها ولا ابن الله.. بيد أن سورة آل عمران حكت لنا قصة وفد كنسى قدم المدينة يجادل الرسول فى العقيدة التى قررها، ويقول له: إذا كان بشرا فمن أبوه؟ إن الله هو أبوه، وإنه ليس بشرا إلا فى الصورة وحسب ! وجادلهم الرسول ﷺ بأن فقدان الأب البشرى لا يعنى بنوته لله. ولو كان الأمر كذلك لكان آدم أولى بالألوهية، فهو لا أب له ولا أم "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين" ولكنهم أصروا على رأيهم، وقاوموه بحماس! فماذا يصنع لهم؟ اقترح عليهم أن يجتمعوا مع أهل الإسلام فى صعيد واحد، وأن يستنزلوا لعنة الله على أكذب الفريقين " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين * إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم". وقد رفض القوم هذه المباهلة، وبقى كلا الفريقين إلى يوم الناس هذا على دينه، ويبدو أن عيسى وحده عندما ينزل آخر الزمان سوف يحسم الموقف، ويبين لعابديه أنهم مخطئون، وأن الملكوت كله ليس له إلا سيد واحد هو الله الواحد


الصفحة التالية
Icon