الباطل لا مستقبل له! وقد قص الله على عباده تواريخ أمم مضت، هلكت جميعا لأنها تشبثت بالباطل وأصرت عليه.. ص _٠٤٠
وإذا كانت قريش قد انتصرت فى هذه المعركة، فهو انتصار عابر زائل، وسوف تتغير هذه النتيجة حتما، والمستقبل للإيمان وحده. على أن انتصار المؤمنين يحتاج إلى أمرين: صدق النية وحسن الأداء. ولا يغنى أحد الأمرين عن الآخر. والمسلمون فقراء إلى معرفة الأمر الثانى وتوكيده، فإن بعضهم يتخيل أن الصلاح وحده يحقق النتيجة المرجوة، كأن الملائكة ستنزل لجبر القصور فى إعداد المؤمنين للمعركة أو سوء خوضهم لها، وهذا بعيد. ابذل ما لديك كله إيمانا وعملا، إخلاصا ومهارة، ثم ارتقب الخير ولو كانت قواك أقل، فقد بذلت ما تملك، ولن يخذلك الله بعدئذ... وقد راقبت معارك كان فيها الخصمان كالملاكمين المتكافئين، لا ينهزم أحدهما إلا بعد عشر جولات أو أكثر.. وراقبت أخرى ينهزم فيها أحد الخصمين بالضربة القاضية على عجل... وشر المعارك أن يكون المرء معتلا، إذا لم يقع لقوة عدوه، وقع لخور فى نفسه!! أو أن يكون سيئ الحظ فتزل قدمه، أو يختلج عرق فى بدنه فيتراجع!! ومعارك المسلمين على امتداد التاريخ تتعرض لهذه الأنواع، على أن العلة الدائمة لهزائمهم لا تجئ من كلب العدو عليهم قدر ما تجئ من تفرق كلمتهم، واختلال صفوفهم، فمصائبهم من أنفسهم دائما، فإذا صحوا من غفوتهم رجعت لهم الدولة. وهذا ما أكدته السورة هنا " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ". وقصة الحياة حكاية لهذا الصراع الدائم بين مختلفين فى الرأى والسلوك " ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" فالشر ابتلاء للخير، والقبح امتحان للجمال، واللؤم امتحان للشرف " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا ". كان ربك