قديرا أن يهزم الباطل ويخزى أهله، فما عمل أهل الحق عندئذ؟ وما جهادهم الذى يلقون به ربهم؟ " ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ". ٤٠ ص _٠٤١
ومضت سنة الأنبياء وأتباعهم من صدر التاريخ على هذه الوتيرة، فما قام لله معبد ولا عمر له مسجد إلا بكفاح المؤمنين وبذلهم! " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره.. ". وقد ذكر الله أتباع محمد بهذه الحقيقة التاريخية، عندما عزاهم فى مصابهم بأحد فقال :" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ". ومضت السورة تداوى الجراح وتنشط العزائم، وتعيد للمؤمنين تماسكهم وثقتهم! ولا يجوز أن ننسى هنا أن دور الهزيمة فى معركة أحد كشف عن معادن بالغة النفاسة، فهناك رجال ركلوا الدنيا بنعالهم ومضوا إلى الله لا يلوون على شئ..!! وهناك رجال ثبتوا فى مواقف ميئوس منها لا يحملهم على الثبات إلا الوفاء إلى آخر رمق، وهناك نساء انطلقن إلى معارك ملؤها البطولة والفداء، يتقاعس عنها الواهنون، وتطير إليها أولئك المؤمنات الصامدات.. وهناك من رزق الشهادة وهو لاغب يحمل أعباء الكفاح برجولة رائعة لا تعنيه إلا نصرة الله ورسوله. وهناك وهناك، إنها معركة حفرت ذكرياتها فى ضمائر المؤمنين فما تنسى أبدا.. وبقى ذكر أحد فى قلب رسولنا ﷺ إلى آخر عمره، فهو يصلى على شهدائه ويقول: "أحد جبل يحبنا ونحبه ". الشهادة منزلة رفيعة من الرضوان الأعلى، يصطفى الله لها من يشاء من عباده، ولذلك قال فى هذه السورة :"ويتخذ منكم شهداء.... " والملحوظ أن المختارين لهذه المكانة مؤمنون همهم الأكبر إعلاء كلمة الله، والإصباح والإمساء فى دعم


الصفحة التالية
Icon