الإسلام وحماية بيضته ورد العدوان عنه. وقتلى أحد نماذج فريدة لهذا الخلق الواثق الواضح، تدبر سيرة مصعب بن عمير أنعم فتيان مكة، الذى اعتنق الإسلام فحرم ثروته وعضه الفقر بنابه، فإذا هو يلبس ثوبا من جلد الضأن، بعد أن كان يخب فى الحرير! ص _٠٤٢
ثم هاجر قبل المهاجرين مكلَّفا من رسول الله بنشر الإسلام فى المدينة، فلم يدع بيتا ذا شأن حتى أدخله فيه، وها هو ذا يقتل فى أحد غريبا، عليه ثوبا لا يكمل كفنا لجثمانه الطاهر، فتغطى قدماه بالإذخر!! وتدبر سيرة عبد الله بن حرام، وكان أبا لست بنات وغلام واحد ـ هو جابر بن عبد الله ـ فقال لابنه: لا تترك الفتيات الست دون رجل معهن!. ولا تطيب نفسى بأن يخرج الرسول للقتال وأنا جالس فى بيتى! فابق أنت معهن، وأنا ذاهب للقتال، وذهب الرجل ليستشهد فى المعركة! لقد كان وضع المسلمين مكشوفا بالغ الحرج بعد ما ترك الرماة مواقعهم، ولذلك قتل منهم سبعون بطلا فى دفاع كئيب شاع فيه أن الرسول نفسه قتل..! لكن قريشا وجدت أنها تصطدم بحائط من الصلب، وأنها لن تبلغ أكثر مما بلغت، فجمعت رجالها وعادت أدراجها إلى مكة.. ونزل فى مصاير الشهداء قوله تعالى :" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا " فوصفهم بخمس صفات " (١) بل أحياء (٢) عند ربهم (٣) يرزقون (٤) فرحين بما آتاهم الله من فضله (٥) ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون". إن الله أعلم أولئك الشهداء أن إخوانهم وأولادهم على درب الحق، وأنهم أدوا واجبهم فى نصرة الله ورسوله، وأنهم- عن قريب- سوف يلحقون بهم فى دار النعيم. ومن المفيد أن نذكر ما فعل المسلمون بعد الهزيمة العارضة، فقد جمعوا فلولهم، وتحاملوا على جراحهم، وانطلقوا فى طريق مكة يطاردون جيش الكفر الذى كان يمشى متباطئا يحدث نفسه بعودة لاستكمال ما بدأ، فلما شعر بالمسلمين قادمين سارع فى العودة من حيث جاء. وعاد المسلمون كما وصف الوحى " الذين