سورة النساء الثلث الأولى من سورة النساء حديث عن الأسرة وقضاياها، والأسرة هى المجتمع الصغير، والثلثان الباقيان حديث عن الأمة وشئونها، والأمة هى المجتمع الكبير، فمحور السورة كلها العلاقات الاجتماعية وضرورة إحكامها وتسديدها. وبدأ التنبيه إلى ذلك من مطلع السورة " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء.. ". إن الناس- وإن بدا بعضهم غريبا عن بعض- هم أقارب فى الحقيقة، إن أبا واحدا ينميهم، ورحما مشتركة تحملهم.. وعلى كل إنسان أن يذكر هذه القرابة فيصل الرحم الماسة، ويصل الرحم البعيد، وصلة الأرحام من شعائر الإسلام، وإن كان المأنوس بين الناس أن الرحم لا تعنى إلا الأقربين من دين وإخوة! ويجب أن تكون دائرة الإنسانية أوسع، وأن يتم التعاون بين أجناسها وألوانها... والآية الأولى تعتمد فى هذا النصح على التخويف من الله الخالق القادر، وعل رقابته الشاملة المستوعبة، غير أننا لاحظنا فى هذه السورة عديدا من آيات التأميل فى الله ونشدان رحمته مثل " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم.. "، " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "، " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "، " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب"، " يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم * والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا.. ". إن الله لا يريد إثقال كواهل العباد بعبادات تشق عليهم، وما يؤدونه من قربات هو تعب ص _٠٤٨