المتعلم فى تحصيل المعرفة، والمتربى فى إحراز الكمال، وهو تعب محتمل مثمر... وبين الخوف من الرقيب القادر، والأمل فى الرحمن الغفور يحيا المؤمنون، ويستعدون للقاء الحتم، طال الأجل أو قصر..! والقسم الذى يتحدث عن تعاليم الأسرة من هذه السورة، بدأ بالكلام عن حقوق اليتامى لأن المسلمين أمة جهاد ضد عدو لا تنتهى غاراته، فلا عجب إذا كثر القتلى وكثر الأيتام. وفى عصرنا هذا نرى الأيتام غرضا لعصابات التبشير ولصوص العقائد، ومن هنا وجب أن يهتم المسلمون بيتاماهم، ويصونوا حقوقهم.. وفى أثناء الكلام عن اليتامى عرض حديث الزواج!! فأبيح مفردا ومتعددا... والإسلام فى هذا لا يشذ عن سنن الأديان التى سبقت، فلا يوجد دين حرم التعدد بأمر من الله.. وعندما أنظر إلى واقع الناس فى عصرنا، أرى الأوروبيين والأمريكيين أسوأ الناس صلة بالنساء، فالتعدد الحرام شائع بينهم، ويستطيع أى وغد أن يتصل بعشرات النساء.. والمباح عندنا له دائرته المرسومة، فإن الإسلام أمر الأعزب بالصيام إذا كان لا يقدر على تكاليف الزواج، فكيف يبيح لمتزوج بواحدة أن يطلب أخرى لا يستطيع إعاشتها، وإن استطاع لم يستطع العدل معها؟. على أن الزواج عندنا لا يتم بالإكراه، وتستطيع أى كارهة للتعدد أن ترفضه! ذلك، ومن خشيت من زوجها التعدد تستطيع فى صلب العقد أن تشترط ألا تكون لها ضرة، وعلى الزوج كما قال أحمد أن يلتزم، ويوفى بالشرط وإلا طلقت! وذكرت السورة بعدئذ أحكام المواريث، فجعلت للمرأة نصيبا فى كل تركة، وكانت من قبل محرومة، وندبت إلى إعطاء المساكين والضعاف حظا منها، وأباحت للرجل أن يوصى بما شاء من ماله- فى حدود الثلث- كما بينت السنة!! ومعروف أن الإسلام جعل- فى كثير من الصور- نصيب الرجل ضعف نصيب المرأة، وذلك لأن الرجل فى الإسلام مكلف بأعباء أكثر، فهو دافع المهر، وهو ملزم بالنفقة على بيته. ولا تكلف المرأة بالتكسب ما دام لها قريب غنى، وإلا فبيت المال مسئول عنها..