ونحن نذكر القراء بأن موقف النصارى من عيسى بن مريم شديد الإبهام كما أومأت إلى ذلك سورة النساء فى قوله تعالى: "ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا" إن الله وحده هو الحق المبين، وذاك سر غضبه الشديد عندما يقول " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا.. " واليهود- وإن أنكروا التثليث- يصفون الله. بصفات رديئة ويتطاولون عليه بألسنتهم، وليس فى قلوبهم خشوع ولا إخلاص. ومع ذلك يزعمون أنهم الشعب المختار، وأن الله خلق العالم من أجلهم ولخدمتهم.. وكلا الفريقين من أهل الكتاب يزعم صلة خاصة بالله، ومكانة فريدة عنده! وكل يدعى وصلا لليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا...!! ونحن نعلم أن الإيمان الحق والعمل الصالح وحدهما هما أساس القبول الأعلى، وبهما تسبق الأفراد والأمم، ولذلك لم يعجبنى قول البوصيرى فى تفضيل الأمة الإسلامية على غيرها. لما دعا الله داعينا لطاعته بأشرف الخلق كنا أشرف الأمم!! إن المسلمين لا يشرفهم إلا الإخلاص لله، والتفانى فى طاعته، والشجاعة فى نصرته والجراءة على عدوه. والانتماء المجرد لمحمد عليه الصلاة والسلام- وهو أفضل الخلق يقينا- لا يغنى عن العاطلين شيئا... وقد ساقت سورة المائدة قصتين تكشفان أن أصحاب الدعاوى لا وزن لهم ما لم تؤيدهم بينات! الأولى قصة بنى إسرائيل عندما كلفوا بمقاتلة الجبارين ودخول أرضهم، لقد استثارهم موسى، وذكرهم بنعم الله عليهم " لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين.. " وهذا كلام يحتاج إلى شرح. إن بنى إسرائيل حملوا دعوة التوحيد بين جماهير من البشر هامت فى عبادة الأصنام، فكانوا- بالدعوة التى حملوها- أعلى من غيرهم قدرا... وقد أرسل الله إلى العرب أنبياء يعدون على الأصابع على حين أرسل فى بنى إسرائيل عشرات