الأنبياء!! أما جعلهم ملوكا فهو بالاكتفاء والاستغناء على نحو ما جاء فى الحديث " من أصبح آمنا فى سربه، معافى فى بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "!! ص _٠٧٧
ويظهر أن بنى إسرائيل لم يفهموا أنهم شرفوا بالدعوة، بل ظنوا أن الدعوة شرفت بهم!! وحسبوا أنهم مقبولون عند الله، ولو لبسوا الدين على أجسام قذرة. وهيهات لقد محصهم القدر العادل فلما تبين جبنهم تقرر طردهم قال لهم موسى: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". فأبوا الانقياد لأمر الله، وبلغت بهم الوقاحة أن قالوا لموسى "فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" !! فجعل الله عليهم سيناء مصيدة يحتبسون داخلها، ويتيهون فيها لا يعرفون طريقا للخروج أربعين سنة حتى هلك أكثرهم!! وبقى من ترشحهم أخلاقهم لرضوان الله وحمل رسالاته.. هذه هى القصة الأولى فى بيان أن الدين رجولة وإقدام وصدق وإيمان. أما القصة الثانية فهى قصة ابنى آدم اللذين قتل أحدهما الآخر! كان أحدهما بليدا فاشلا فنقم على أخيه الأفضل منه. والتناقض فى حياة هذا الإنسان ظاهر. فهو قد فهم جيدا أن أخاه أفضل، وبعد أن تخلص منه لم يفهم كيف يدفنه بعد مماته!! كان غبيا هنا ذكيا هناك!! " فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين "!!. والفاشل يظن أنه إذا قتل الناجح يستفيد قوة جديدة. وهذا مستحيل، فإنك لن تبنى نفسك بهدم غيرك، ستظل كما أنت! إن الصلاح جهد إيجابى فى تقوية النفس وتزكيتها، وليس قدرة على العدوان! " إنما يتقبل الله من المتقين " وقد عد الله سبحانه هذه الجريمة ضد الإنسانية كلها وليست ضد فرد واحد " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ".


الصفحة التالية
Icon