والآية لا توهم الجبر فإن المراد منها أن من ركب قطار الشر انطلق به، ومن زرع الشوك فلا يجنى فاكهة! الآية هنا كقوله تعالى فى سورة مريم: " قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ". والمفروض أن شرائع الدماء والأموال والأعراض تنفذ فى الدولة على كل من يستظل برايتها، وإن اختلفت الأديان.. والذى نراه أن اليهود كان لهم كيان مستقل، والمعاهدات التى عقدت معهم أول الهجرة لم تلغ هذا الاستقلال. ومن ثم لم يرغمهم الرسول على إقامة الحكم الذى أصدره، بل قيل له: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ". والمسلمون مكلفون بإقامة حكم الله داخل سلطانهم، ولا طاقة لهم على إقامته فى كل مكان، وأهل الأديان الأخرى تترك لهم شعائرهم وعقائدهم دون مساس بها. أما بقية الشرائع العامة فتتناول الجميع... وحكم الرجم فى سفر التثنية أن من تزوج عذراء، فوجدها ثيبا ترجم عند باب بيت أبيها، وإذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة ذات بعل يقتل الاثنان.. ويقول السفر المذكور: " إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها آخر فى المدينة فاضطجع معها، فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا!! الفتاة من أجل أنها لم تصرخ، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه، بذلك تنزع الشر من وسطك... " ثم ذكر القرآن الكريم تاريخا موجزا لموقف أهل الكتاب من شرائع الدماء والأعراض، فبين أنها نزلت فى التوراة ليلتزم بها اليهود. ثم تأكدت فى الإنجيل ليحكم بها النصارى. فمن تركها جحدا أو جور أو فسقا فهو داخل فى الكفر أو الظلم والفسوق.. وهذا التاريخ ذكر لواقع مضى، فالتوراة تحكم أتباعها مادامت التوراة باقية. فإذا جاء بعدها الإنجيل انتقل الحكم إليه وعلى أتباعه تنفيذ ما جاء به. فإذا جاء القرآن فإن على الفريقين الالتفات إلى الوحى الجديد والأخذ عنه، لاسيما وهو ص _٠٨١


الصفحة التالية
Icon