إنه صعب على يهودى يظن البشر دونه بأصل الخلقة! صعب على متعصب يعتنق الأخطاء فى حرية، ويضن على الآخرين أن يعتنقوا الصواب ويمروا بسلام!! وذاك ما عنته الآية الشريفة " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ". والواقع أن مبدأ " الولاء والبراء " قائم على هذه الحقيقة، ولا أثارة فيه لقطيعة ظالمة أو تعصب ذميم! من حق أصحاب الإيمان ألا يستوحشوا به فى الدنيا، بل ينبغى أن يألفهم، ويلتف بهم أمثالهم فى الاعتقاد " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ". ومن شعائر الإسلام الحب فى الله والبغض فى الله ولكنه حب لا أثرة فيه وبغض لا ظلم معه. ومن خصائص الدين الحق أنه يتجاوز عن الخطأ العابر ويتشدد مع الشذوذ الفاجر. وقد تدبرت موقف نبينا ﷺ مع " ماعز " فوجدته يحاول رده عن إقراره، ومسامحته فى ظلمه لنفسه مادام قد تاب. غير أن ماعزا أبى إلا تطهير نفسه بالموت فكان له ما أراد. وكان عيسى عليه السلام يحاول مثل ذلك مع المرأة التى أتى بها اليهود لرجمها! فالقدر ليس بالمرصاد لكل عاثر يريد الإجهاز عليه، والأنبياء مصلحون لا جلادون. غير أن الفرق واسع بين الخطأ العابر والخطيئة الفاجرة، والفرق واسع بين زلة قدم وتقليد يتبع. وهو أوسع بين هفوة فرد وتشريع قائم. إن الأنبياء جميعا ضد الجريمة إذا تحولت إلى عرف عام ونظام سائد. والغريب أن أهل الكتاب قديما وحديثا تميزوا ببرود غريب أمام المعاصى... حتى أمست الحضارة الغربية مشحونة بصنوف الدنس مع صمت مطبق من الكهنة المشاهدين! ثم ألا يستحق التأمل الطويل أن ترى من هؤلاء من يكره الإسلام ويهادن الإلحاد؟ ومن يعلن الصلاة من أجل مرضى الإيدز! ولا يكترث أقل اكتراث لضحايا الصهيونية والاستعمار. ص _٠٨٥