وقد تحدثت سورة المائدة فى نحو أربع صفحات عن تناقض هؤلاء القوم وعن ضرورة استنكار ما يفعلون "وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون * لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ". ولن يكون القوم أهل دين إلا إذا بقيت صلتهم بالتعاليم السماوية محسوسة، واحترموا ما بقى لديهم من تعاليم التوراة والإنجيل، وضموا إلى ذلك ما جاء به النبى الخاتم مصداقا لقوله تعالى: "قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين". إن الغيرة على محارم الله مطلوبة فى الأديان كلها، والغيرة انفعال وتحديد مواقف وقياس مسافات. إن المؤمنين يرون الفلاسفة الإلهيين أدنى إلى الرشد من الفلاسفة الملاحدة، ويرون أصحاب الأخلاق أقرب إلى الشرف من طلاب اللذة... ولا ينقضى عجبى من أناس يسمعون صيحة لا إله والحياة مادة! وهم باردون جامدون. فإذا صاح مؤذن: الله أكبر انقلبت سحنتهم واربدت وجوههم لأن الصيحة الكريمة من أمارات الإسلام، وهى عندنا من الباقيات الصالحات..!! وقد عاب القرآن الكريم على الحاخامات والكرادلة موت العاطفة الصحيحة فى دمائهم، وجاءت الآيات " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ". وتلا ذلك نهى عن موالاة العاصين واسترضائهم " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ". وهناك سنن نبوية لا حصر لها فى هذه الشئون. ص _٠٨٦


الصفحة التالية
Icon