فى تعنيف أهل الكتاب على مداهنة الرذائل ومجاملة أصحابها كان لابد من الحديث عن العقائد الأصلية وعن جدوى الاستمساك بها! الناس عادة يسكتون على المعاصى فرارا من تبعات النصح، ويسكتون على الظلمة- وربما تملقوهم- حرصا على الدنيا ومنافعها! وكم يكلف قول الحق من متاعب! لكن المهم هو الثمرة الأخيرة. وخيانة الحق قد تعقب فائدة سريعة ما تكاد تجيء حتى تفنى ويبقى ذل الخيانة وإثم التفريط!! وما يظفر بالحياة الصحيحة والرضا النفسى والإلهى إلا من أحب لله وأبغض لله، ومن ثم قال الله تعالى :" ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم * ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم.. ". ولا تحسبن هذا النصح خاصا باليهود والنصارى، إن علماء الإسلام مطلوبون به قبل غيرهم لجسامة ما يحملون من أمانات.. ولا ريب أن السلوك الراشد ينبثق من إيمان صحيح ولذلك عاد الحديث مرة أخرى إلى عقيدة التوحيد وضرورة تحريرها من الشوائب. واليهود يعلنون إيمانا بالله الواحد، فهل فكرتهم عن هذا الإله صحيحة؟. وهل ينزهونه من كل نقص؟ وينسبون إليه كل كمال. وهل يرون أنفسهم بعض الناس الذين يتقدمون بالطاعة ويتخلفون بالمعصية؟. كلا لقد صادروا عقيدة الألوهية لحساب جنسهم وأصبح الإله حارسا لمزاعمهم ومنافعهم إنه إله خاص يرضيهم أكثر مما يرضونه!! ومن هنا لعبوا بمواثيقه وعاشوا فى الدنيا عبئا على الشعوب " لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون". أما النصارى فالغموض فى إيمانهم شديد. والتناقض واضح..! وهم يقولون: ربنا يسوع المسيح! ويقولون عن مريم: إنها أم الإله!! ويقولون كذلك إن الأب إله أزلى وهو الذى أرسل ابنه للناس. ص _٠٨٧


الصفحة التالية
Icon