كما أن البعض تصور أن فرض الزكاة كان فى المدينة والحق أنه بدأ فى مكة وفصلت الأنصبة فى المدينة. والسورة نزلت فى نفس واحد واحتف لنزولها عشرات الألوف من الملائكة. ووعاها الرسول كلها ساعة نزلت فقد كان ذهنه ألمع من البرق! وكانت ذاكرته أدق من الأشرطة التى تتم عليها التسجيلات اليوم. فلما استوعبها استدعى الحفظة والكتبة وأملى عليهم ما جاء من عند الله....!! ونحب أن نستعرض التقارير والتلقينات التى حوتها السورة وشتى القضايا التى تناولتها.. من أول ما ذكرته السورة من مقررات مصير الظلمة مهما طال عليهم الأمد. إن تكذيبهم للأنبياء يأخذ مراحل متتابعة تبدأ بالإعراض، ثم بالتكذيب المتجهم، ثم بالاستهزاء المتواصل، ثم بالعدوان الآثم! والقدر الحكيم يطاولهم فى هذه الأثناء ابتلاء للمؤمنين، والكافرين جميعا. وهذه طبيعة الحياة الدنيا، ولكن عقبى الصراع وخيمة على الكافرين. ومن ثم يقول الله لكفار العرب " ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ". هذه مصاير الحضارات عندما تتفسخ، ومصاير الأمم عندما تستكبر وتطغى. تبقى على ظهر الأرض حينا ثم تختفى تحتها مخلية المكان لآخرين!! ونسأل: هل هذا شأن الكفر المحض؟ أم القانون عام يشمل مع الكافرين أمما أخرى خلطت الحق بالباطل والهوى بالهدى؟ أو بعبارة أخرى: هل يستوى الذين أعرضوا عن الإيمان كله، والذين لم يكسبوا فى إيمانهم خيرا؟؟. الظاهر من الآيات الواردة فى السورة تشرح هذه القضية أن الكل سواء. وتدبر قوله تعالى يشرح أسلوب أخذه للأمم :" ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ". إن الله مكر بهؤلاء، وبدا كأنه أهملهم! وهيهات فما كادوا يستمرئون


الصفحة التالية
Icon