فى وجه تعصب دينى ضيق ينشد الإسلام للناس كافة وحدة دينية سمحة، تقوم على الفطرة السليمة والمنطق الواعى! إن اليهود والنصارى يرون الحق حكرا عليهم وحدهم، وأن النجاة لن تكون إلا لهم!. لماذا يرسل هذا الحكم المتحيز؟ " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين". هناك ناس آخرون حسنت معرفتهم لله، وأسلموا له وجوههم، وأخلصوا نياتهم، وأصلحوا أعمالهم، لماذا يهدر جهدهم؟ " بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ". على هذا الأساس طلب القرآن من أهل الكتاب أن يؤمنوا بالله ورسله جميعا، وأن ينخلعوا من أنانيتهم التى تزين لكل طائفة أن الحق لديها وحدها " وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ". ثم طلب منهم توسيع دائرة الإيمان حتى تشمل كل نبى أرسله الله لهداية الناس، فلا مساغ لاستثناء أحد " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". هذه أصول الوحدة الدينية التى شرحتها سورة البقرة، وعرضتها على اليهود والنصارى، كى يدخلوا فيها، ويتآخوا مع المسلمين فى ظلالها، وقبيل هذا التفصيل بين القرآن الكريم أن الإسلام المعروض ليس شيئا جديدا، إنه دين المرسلين الأوائل.. يفخر اليهود بأنهم أبناء يعقوب الذى لقب بعد بإسرائيل، والذى أقيمت دولة فى هذا العصر باسمه! ماذا كان يعقوب؟ كان رجلا حسن الصلة بالله، يعرفه معرفة وثيقة، ويستسلم لقضائه وقدره، ويدعو أولاده للإيمان به، ويستوثق قبل مماته من أنهم لن يفرطوا فى هذا الإيمان مثقال ذرة.. " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون".