فهل يعى ذلك المشركون الذين يخاطبهم خاتم الأنبياء بالمنطق نفسه؟ إنه منطق معقول منصف! وتتفاوت درجات الدعاة إلى الله بمدى براعتهم فى التعريف به واقتياد الناس إليه، ولذلك يقول جل شأنه " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم". جذور الإسلام ضاربة فى التاريخ القديم، إن الدين الذى بعث محمد به ليس فكرا جديدا ظهر فى العصور الوسيطة، إنه فكر الأنبياء كلهم حول إله واحد يجب أن نعرفه معرفة صحيحة وأن نسمع ونطيع لما يأمر به. والقرآن الكريم يهش لأسماء الأنبياء جميعا، ويؤكد أن أسرتهم الطاهرة ما كانت تدندن إلا حول هذه الحقيقة. الله حق! وهو واحد! وعلينا أن نسلم وجوهنا إليه..!! قبل إبراهيم كان نوح عليه السلام يقول: " وأمرت أن أكون من المسلمين" وفى هذه السورة ذكر الحق جهاد إبراهيم الخليل فى تعريف الناس بالله تبارك اسمه، ثم ذكر أسماء سبعة عشر نبيا معه قاموا جميعا بالدعوة إلى الله. "ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون * أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين". وقد صدف الله وعده، فإن الجيل الكافر بمكة انقرض وتلاشى وآمن سائر العرب به بعد كفاح لم يطل أمده. ثم دخل النصارى فى وادى النيل والشمال الإفريقى وآسيا الصغرى، دخلوا فى الإسلام وكانوا قوام الأمة التى تحمل دعوته إلى يوم الناس هذا. ص _١٠٢


الصفحة التالية
Icon