أما جملة "وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم" فهى للعرب خاصة. اختارهم الله ليكونوا الأمة الوسط فهل قدروا هذه النعمة؟ وارتفعوا إلى مستواها؟ إن الكتب التى تنتسب إلى السماء موجودة بين أيدى القراء يستطيعون الاطلاع عليها واستقصاء ما فيها، وأنا أريد أن ينظر الناس إلى ما حوت ومعهم عقولهم، فإن فاقد عقله لا خير فيه ولا وزن لحكمه: لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسان إننى بعقلى أدركت أن للكون سيدا أبدعه ودبر أمره وأيقنت أن هذا السيد واحد لا اثنان ولا ثلاثة. وأنه أمر بالعدل والإحسان ونهى عن الجور والعصيان. وأنه سوف يسترجع الناس بعد هذه الحياة ليحاسبهم على الطريقة التى عاشوا بها فى دنياهم..! والسؤال: أى الكتب السماوية أنصف هذه الحقائق وجلاها؟. وأيها كان أعلى صوتا وأصدق نبرة فى توحيد الله والتذكير بلقائه؟. وأيها كان أقدر على تزكية النفوس، وفطامها عن الشرور؟. وإلى أن يصل المنصفون إلى الحكم الذى يرونه نذكر بكلمات القرآن فى هذا المجال: " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله... "؟؟ وبعد هذا التساؤل المتتابع يشرح القرآن أجزية الظالمين منذ بدء مفارقتهم للحياة إلى أن يوقفوا للحساب الأخير " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون"!!. أهذه لهجة كاذب على الله؟ أهذا وحى مفتعل؟ ألا شاهت الوجوه!! وبعد هذه الوخزة الموجعة لأصحاب الأفئدة المغلقة يعود القرآن الكريم إلى سرد الأمجاد الإلهية فى صورة تقارير حاسمة!! أرأيت إلى الأرض تهتز زرعا والحقول تكسو الأرجاء بخضرتها؟. أرأيت إلى النخيل تتدلى شماريخ البلح تحت سعفها؟. ص _١٠٤