وما دام أن النزول جملة لا يعارض صراحة النزول السابق، ولا يرتبط به من خلال تلك النصوص. بل هو نزول خاص، ووجود معين حيث القرآن الكريم كلام الله ومنزل من عند الله يتلقاه جبريل عليه السلام من الله بلا واسطة عند نزوله به على الرسول ﷺ مباشرة.
وإن كان قد نزل به إلى بيت العزة فذلك نزول خاص. وأحد وجودات القرآن الكريم المتعددة. حيث يوجد القرآن الكريم في اللوح المحفوظ. (١)
وقال تعالى: ﴿ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ﴾ (الواقعة: ٧٧-٧٩)؟وقال سبحانه: ﴿ وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ﴾ (الزخرف: ٤).
ويوجد - أيضاً - في الصحف المطهرة الموجودة في أيدي الكرام البررة من الملائكة كما قال تعالى: ﴿ كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ﴾ (عبس: ١١-١٦)
ويوجد - كذلك - في بيت العزة من السماء الدنيا كما دلت على ذلك الأخبار عن ابن عباس. وجائز أن يكون الوجودان الأخيران مختلفين متغايرين وجائز أن يكونا وجوداً واحداً بأن يكون القرآن الكريم في تلك الصحف في بيت العزة وبأيدي أولئك الملائكة الكرام كما يوجد في الأرض بنزوله على الرسول ﷺ والنزول مقترن بما عدا الأول من الوجودات المذكورة.
يقول البيهقي - رحمه الله -: "وقوله تعالى: ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ يريد به والله أعلم إنا أسمعناه الملك، وأفهمناه إياه، وأنزلناه بما سمع فيكون الملك منتقلاً به من علو إلى سفل". (٢)
(٢) كتاب الأسماء والصفات للبيهقي (١/٣٦٢).