ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بعد عرضٍ قرر فيه أن القرآن الكريم كلام الله منزل من عند الله كما هو صريح القرآن، قال: (فعلم أن القرآن العربي منزل من الله لا من الهواء، ولا من اللوح، ولا من جسم آخر، ولا من جبريل، ولا من محمد، ولا غيرهما، وإذا كان أهل الكتاب يعلمون ذلك (١) فمن لم يقر بذلك من هذه الأمة كان أهل الكتاب المقرون بذلك خيراً منه من هذا الوجه.
- ثم قال - (وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله: ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله بعد ذلك منجماً مفرقاً بحسب الحوادث. ولا يتنافى أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: ﴿ بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ﴾ وقال تعالى: ﴿ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إ لا المطهرون ﴾ وقال تعالى: ﴿ كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ﴾. وقال تعالى: ﴿ وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ﴾. فإن كونه مكتوباً في اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافي أن يكون جبريل نزل به من الله سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك وإذ كان قد أنزله مكتوباً إلى بيت العزة جملة واحدة في ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أن ينزله..). (٢)
(٢) الفتاوى لابن تيمية (١٢/١٢٦-).