إن فيه تفخيم شأن المنزل وهو القرآن الكريم، وتعظيم قدر من سوف ينزل عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكريم من سوف ينزل إليهم وهم المسلمون. وذلك بإعلام سكان السموات بأن هذا القرآن آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم. (١)
يقول السخاوي في جمال القراء:
"فإن قيل: ما في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا؟ قلت: في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم، ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفاً من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها. (٢)
وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة الكرام البررة - عليهم السلام - وانساخهم إياه، وتلاوتهم له وفيه أيضاً إعلام عباده من الملائكة وغيرهم أنه علام الغيوب لا يغرب عنه شيء إذ كان في هذا الكتاب العزيز ذكر الأشياء قبل وقوعها". (٣)
وفيه من الحكم أيضاً تفضيل القرآن الكريم على غيره من الكتب السماوية الأخرى وذلك بأن جمع الله له النزولين جملة واحدة، والنزول مفرقاً وبذلك شارك الكتب السابقة في صفة وتميز عنها في الصفة الثانية. سواء قيل بنزول الكتب السابقة جملة أو مفرقة، ففي اجتماع الصفتين تميز للقرآن الكريم، ولمن نزل عليه، ولمن نزل إليهم.

(١) انظر: المرشد الوجيز (٢٤).
(٢) قال ابن الصلاح في الخبر الوارد بذلك: وفي إسناده ضعف ولم نر له إسناداً صحيحاً..) فتاوى ابن الصلاح (١/٢٤٨).
(٣) جمال القراء للسخاوي (١/٢٠)، وانظر: المرشد الوجيز (٢٧) والإتقان للسيوطي ٠١/١٤٩).


الصفحة التالية
Icon