ثم قال أبو شهبة بعد هذا معبراً عن فرحه به: والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ثم انتقد حساب الخضري السابق بأنه بني على أن آخر آية نزلت هي قوله تعالى: ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم.. ؟ ﴾ الآية (المائدة: ٣)" (١)
وما ذكره أبو شهبة - رحمه الله - من تحديد فيه نظر كذلك. إذ جعل يوم السابع عشر من رمضان بداية إنزال القرآن على الرسول ﷺ وقد تقدم أنه يوافق يوم الجمعة - على قول الخضري - وأنه بهذا يعارض ما ثبت في الصحيح.
وكذلك أنه بناه على الأخذ بأحد الأقوال في مدة بقاء الرسول ﷺ بعد آخر آية نزلت عليه دون دراسة ترجيحية له. فيبقى ملخص القول أن المدة نحواً من ثلاث وعشرين سنة تقريباً لا تحديداً.
يوم إنزال القرآن:
الصحيح أن أول يوم أنزل فيه القرآن هو يوم الاثنين. لحديث أبي قتادة الأنصاري الصحيح، وفيه: وسئل عن صوم يوم الاثنين. قال: "ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت - أو أنزل عليّ فيه" (٢) وفي رواية أخرى:.. فقال: "فيه ولدتُ، وفيه أنزل عليّ" (٣) وأخرج الواحدي عن أبي قتادة أن رجلاً قال لرسول الله: أرأيت صوم يوم الإثنين: "قال فيه أنزل عليّ القرآن" (٤) وقد ذكر ابن سعد في طبقاته عن ابن عباس قال: نبئ نبيكم ﷺ يوم الاثنين. (٥) وعن أنس قال: استنبأ النبي ﷺ يوم الاثنين. (٦)
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث طويل. كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام، حديث ١١٦٢، (٢/٨١٩).
(٣) صحيح مسلم (٢/٨٢٠).
(٤) أسباب النزول للواحدي، (١٣-١٤).
(٥) طبقات ابن سعد (١/١٩٣).
(٦) طبقات ابن سعد (١/١٩٤).