واختيار مادة النزول وما تصرف منها للكلام عن مصدر القرآن الكريم فيه تشريف وتكريم لهذا الكتاب وبيان علو منزلته كما قال تعالى: ﴿ حم. والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ﴾ (الزخرف: ١-٤)؟فالنزول لا يكون إلا من علو.
وأما النوع الثاني، وهو النزول المقيد بأنه من السماء. فيتناول نزول المطر من السحاب، ونزول العذاب، ونزول الملائكة من عند الله. وغير ذلك.
فقد ورد في آيات كثيرة ذكر إنزال الماء من السماء. كقوله تعالى:
١. ﴿ وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم؟ ﴾ (البقرة: ٢٢)
٢. ﴿ وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ﴾ (البقرة: ١٦٤)
٣. ﴿ وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ﴾ (الأنعام: ٩٩)
٤. ﴿ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ﴾ (الرعد: ١٧)
٥. ﴿ والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ﴾ (النحل: ٦٥)؟وغيرها كثير.
والمراد بالسماء في هذه الآيات: السحاب أو مطلق العلو حيث فُسِّر في قوله تعالى: ﴿ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ﴾ (الواقعة: ٦٩)؟فالسماء اسم جنس لكل ما علا وارتفع.
وجاء في إنزال العذاب من السماء قوله تعالى:
١. ﴿ فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من العذاب بما كانوا يفسقون ﴾ (البقرة: ٥٩)
٢. ﴿ إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء ﴾ (العنكبوت: ٣٤)؟والرجز هو العذاب.
وقال تعالى: ﴿ إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ﴾ (الشعراء: ٤)
وفسرت "الآية" هنا بما عظم من الأمور القاهرة، أو ما ظهر من الدلائل الواضحة. (١)
وقال تعالى في إنزال الملائكة من السماء: ﴿ قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً ﴾ (الإسراء: ٩٥)