فقد نزل القرآن الكريم على مدى ثلاث وعشرين سنة ثلاث عشرة بمكة على القول الراجح، وعشر بالمدينة المنورة.
من الأدلة على نزول القرآن مفرقاً قوله تعالى ﴿ وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ﴾ (الإسراء : ١٠٦). والمعنى : جعلنا نزوله مفرقا كي تقرأه على الناس على مهل وتثبت، ونزلناه تنزيلاً بحسب الوقائع والأحداث (١).
قال الزرقاني في مناهل العرفان (٢) :"وفي تعدد النزول وأماكنه، مرة في اللوح وأخرى في بيت العزة، وثالثة على قلب النبي - ﷺ -، في ذلك التعدد مبالغة في نفي الشك عن القرآن الكريم، وزيادة للإيمان لأن الكلام إذا سجل في سجلات متعددة، وصحت له وجودات كثيرة كان ذلك أنفى للريب عنه، وأدعى إلى تسليم ثبوته، وأدنى إلى وفرة الايقان به مّما لو سجّل في سجل واحد، أو كان له وجود واحد ".
نزول الكتب السماوية الأخرى
الصحيح المشهور بين العلماء أن الكتب السماوية غير القرآن نزلت جملة واحدة ولم تنزل متفرقة، ومن الأدلة على ذلك آية الفرقان، وهي قوله تعالى ﴿ وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ﴾ (الفرقان : ٣٢).
فهذه الآية دليل على أن الكتب السماوية غير القرآنية نزلت جملة واحدة كما على ذلك جمهور العلماء.
(٢) ١/٤٧.