واعلم أيها القارئ الكريم أن الصحابة كانوا علماء مجتهدين في معرفة سبب النزول ولذلك جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، ولو كنت أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الأبل لركبت إليه (١).
بعض فوائد أسباب النزول باختصار
( ١ ) الاستعانة على فهم الآية وإزالة الإشكال عنها: قال الواحدي "لا يمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتها ". وقال ابن دقيق العيد : معرفة سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن. وقال شيخ الإسلام بن تيمية في رسالته أصول التفسير (٢) "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث معرفة المسبب " ولذلك أمثلة كثيرة منها:-
أ - أن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أشكل عليه فرضية السعي بين الصفا والمروة من قول الله عز وجل ﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾ فقال: إن الله نفى الجناح ونفي الجناح يدل على نفي الوجوب فسأل خالته عائشة رضي الله عنها، فقالت له "إن سبب النزول أنه كان قبل الإسلام على الصفا صنم يقال إساف وعلى المروة صنم يقال له نائلة فلما جاء الإسلام تحرج المسلمون من السعي بينهما فأنزل الله الآية رفعاً للحرج (٣).
(٢) لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي ١/١٧، أصول التفسير ١/٥٩.
(٣) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٣/٣٩٢.