( ٢ ) من الفوائد دفع توهم الحصر: قال الشافعي: في قوله تعالى ﴿ قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرّما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحاً ﴾ الآية قال: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ماحرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة فجاءت الآية مناقضة لغرضهم فكأنه قال لاحلال إلا ماحرمتوه ولا حرام إلا ماأحللتموه، نازلا منزلة من يقول: لاتأكل اليوم حلوى فتقول له لا آكل اليوم إلا حلوى، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال لاحرام إلا ماأحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وماأهل لغير الله به ولم يقصد حل ماوراءه إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل (١).
اعلم أيها القارئ الكريم أن العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب هذا إذا كان السبب خاصاً واللفظ عاما، فالحكم الذي يؤخذ من اللفظ العام يتعدى صورة السبب الخاص إلى نظائرها كآيات اللعان التي نزلت في قذف هلال بن أمية زوجته ﴿ والذين يرمون أزواجهم.... إلى قوله.... إن كان من الصادقين ﴾ (سورة النور ٦-٩.) فيتناول الحكم المأخوذ من هذا اللفظ العام ﴿ والذين يرمون أزواجهم ﴾ غير حادثة هلال دون احتياج إلى دليل، هذا هو الرأي الراجح والأصح وهو الذي يتفق مع عموم أحكام الشريعة والذي سار عليه الصحابة والمجتهدون من هذه الأمة (٢).
(٢) مباحث في علوم القرآن ١/٨٤، مذكرة الأصول ١/٣٧٢، الشيخ محمد الأمين.