قال في المدخل (١) : وهذا الرأي هو أرجح الأراء والأقوال وهو الذي تركن إليه النفس للأسباب التالية:
١ – لم يحظ قول من الأقوال الآتية بما حظي به هذا القول من الآثار وأقوال الأئمة.
٢ – ماتشير به هذه الآية في ثناياها من التذكير باليوم الآخر والرجوع إلى الله ليوفي كلا جزاء عمله، وهو أنسب بالختام.
٣ – ماظفر به هذا القول من تحديد الوقت بين نزولها ووفاة النبي - ﷺ - ولم يظفر قول بهذا التحديد.
القول الثاني: أن آخر مانزل هو قوله تعالى في سورة البقرة ﴿ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين ﴾ (البقرة : ٢٧٨).
ويدل لهذا القول ماأخرجه البخاري عن ابن عباس قال: وآخر آية نزلت آية الربا (٢).
والحق الأول: ويجاب عن هذا القول إما بأنها آخر آية نزلت في شأن الربا وإما أنها من آخر الآيات نزولاً.
القول الثالث: أن آخر آية نزلت آية الدين ﴿ ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾ (البقرة : ٢٨٢). وهي أطول آية في القرآن. ومن أدلة هذا القول ماأخرجه ابن جرير (٣) من طريق بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه بلغه أن آخر القرآن عهداً بالعرش آية الدين، مرسل صحيح الإسناد ويجاب عنه بأنها آخرية مقيدة، فهي آخر مانزل في باب المعاملات.
هذا: وقد جمع السيوطي في الإتقان (٤) بين هذه الأقوال الثلاثة فقال: ولامنافاة عندي بين هذه الروايات في آية الربا، وآية واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، وآية الدين، لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف لأن موضوعها واحد، فأخبر كل واحد عن بعض مانزل بأنه آخر، وذلك صحيح.
(٢) البخاري رقم ٤٥٤٤ كتاب تفسير القرآن.
(٣) ابن جرير الطبري في تفسيره
(٤) بواسطة المدخل ١/١٢٠.